الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالفرق بين الضرورة والحاجة يتبين بتعريف كل منهما، والضرورة هي: بلوغ الإنسان حداً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب الهلاك. والحاجة هي الافتقار إلى الشيء الذي إذا توفر للإنسان رفع عنه الحرج والمشقة، وإذا لم يتحقق له لم يحصل له فساد عظيم، مثل الجائع الذي إذا لم يأكل لم يهلك، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 50200.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن صالح العبد اللطيف في كتابه:القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير: فرق بعضهم بينهما من جهة أن حكم الضرورة مؤقت بزمان تلك الضرورة، وحكم الحاجة مستمر، ومع هذا فقد تطلق الضرورة ويراد بها الحاجة، على أن حكم هذه القاعدة ليس على إطلاقه فقد اشترط العلماء في الحاجة المبيحة للمحظور شروطاً أهمها ما يلي:
1) أن تكون الشدة الباعثة على مخالفة الحكم الشرعي الأصلي بالغة درجة الحرج غير المعتاد.
2) أن يكون الضابط في تقدير تلك الحاجة النظر إلى أواسط الناس ومجموعهم بالنسبة إلى الحاجة العامة، وإلى أواسط الفئة المعينة التي تتعلق بها الحاجة إذا كانت خاصة.
3) أن تكون الحاجة متعينة بألا يوجد سبيل آخر للتوصل إلى الغرض سوى مخالفة الحكم العام.
4) أن تقدر تلك الحاجة بقدرها كما هو الحال بالنسبة إلى الضرورات.
5) ألا يخالف الحكم المبني على الحاجة نصاً من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم على حكم ذلك الأمر بخصوصه، وألا يعارض قياساً صحيحاً أقوى منه، وأن يكون مندرجاً في مقاصد الشرع، وألا تفوت معه مصلحة أكبر. انتهى.
ذكر ذلك خلال حديثه عن القاعدة الخامسة عشر:الحاجة تنزل منزلة الضرورة، عامة كانت أو خاصة. وهذا الكتاب مرجع مفيد في هذا الموضوع، وهو متوفر على موقع مكتبة المدينة الرقمية، وعلى موقع المكتبة الشاملة، وراجع للمزيد من الفائدة الفتويين: 47389، 25545.
والله أعلم.